الصفات العامة لبرج القوس
هناك عادة محور في كل جمع ضاحك مرح، واحتمال يوازي تسعة من عشرة بأن يكون المحور شخصاً مولوداً في برج القوس، وإذا تبيّن بالإضافة إلى ذلك أنه يتمتع بوجه منفتح وجبهة عريضة، وأنه يقوم بحركات مرتبكة خالية من الرشاقة، أمكن التأكد عندئذ من أنه مولود في برج القوس.
جميع الصفات التي ينطوي عليها هذا الإنسان تؤهله لأم يكون طفلا ً كبيراً، فهو مرح صادق صريح طيب القلب، يُعبـّر ببراءة متناهية عما يدور في خاطره، ويرفض اعتماد الأساليب الملتوية، ويحرج الآخرين، ويستغرب نقمتهم عليه، ويعتذر من هفواته التي ينساها بعد حين ثم يُكررها، وهكذا، إنه رياضي المظهر يشبه إلى حد ما الجواد أو المهر وخصوصاً بخصلة شعره المتدلية على جبينه كالعرف والتي يرفعها دائماً بحركة من رأسه أو بيده الأمر الذي يتحول عنده إلى عادة تلازمه في الكبر حتى بعد الصلع هذا الإنسان سريع الحركة، سريع التنقل، يكره الجمود ويبدو كأنه يسير في اتجاه معيّن أو كأنه يُلاحق هدفاً ما، لكن حركاته ومشيته تفتـقر إجمالا ً إلى الرشاقة أو الانضباط، وكثيراً ما يتعثر بخطواته أو يُقلب الأشياء التي تعترض طريق زراعيه، ومع ذلك يوحي بأنه رياضي، وهو يعيش في الواقع عيشة الرياضيين إذ يحب الهواء الطلق وركوب السيارة والدراجة والطائرة، ولا يُستبعد أن يشترك في سباقات السرعة لولعه بها، كما يحب الحيوانات وخصوصاً الكلاب والجياد، الصراحة صفة أساسية في مولود برج القوس، بل أساس شخصيته، تماماً كما هي في برج العقرب، مع فارق كبير وهو أن مولود برج العقرب يُعري الحقائق عن عمد وسابق تصميم ومعرفة أكيدة بالنتائج بينما يلجأ مولود برج القوس إلى الصدق عن براءة وطيبة وعدم لياقة اجتماعية وجهل تام بالنتائج، لذلك كثيراً ما يشعر بالندم والأسف إذا نجم عن أفعاله أي ضرر أو أذية، ولكنه يفشل دائماً في تطوير أساليبه ويعود المرة تلو المرة إلى صراحته المذهلة مع جميع الناس دون استـثـناء ودون أي اهتمام بالنتائج المترتبة على مثل ذلك التصرف، ومقابل ذلك يصعب على الكثيرين أن يحقدوا عليه فترة طويلة بسبب شفافيته وبراءته وحُسن نواياه، فغايته الأساسية هي في الواقع بعث المرح والسلوى في النفوس، وإذا جاءت النتائج عكس المتوقع لا يجوز اتهامه بالخبث لأنه بعيد عنه كل البعد، كل ما يمكن قوله هو أنه طائش يلقي سهامه جزافاً فتصيب من تصيب وتخطيء من تخطيء، مع العلم بأنها لا تـُميت أحداً لخلوها من كل أثر للسموم التي يجهلها مولود برج القوس تماماً.
يُرمز إلى إنسان برج القوس بالنار ويُقال أن لكوكب "المشتري" (جوبيتر) تأثيراً كبيراً في مزاجه، الأمر الذي يوضح سبب جرأته وإقدامه وصراحته وحبه للكلام، إذا تعرّض أحد لكرامته مثلا ً ردّ في الحال معتمداً على لسانه الحاد وقبضته القوية في آن واحد، وهو من النوع الذي يرفض النجدة أو الهرب وقت الشدة ولكنه حالما ينتـقم لنفسه يستعيد هدوءه وبراءته معاً، ولا يتردد في تعويض عدوه مما لحقه منه، هذا ويمكن القول أن أكثر ما يغيظه ويُفقده السيطرة على نفسه أن يتهمه البعض بالكذب أو عدم الأمانة.
يتمتع مولود برج القوس بطفولة مستمرة تجعله يرفض الجد في الحياة على الرغم من قبوله القيام بالواجب والمسؤولية على أفضل نحو، وسبب ذلك أن الجد يُـثـقل عليه ويمحو جزءاً من سعادته وفرحه الطبيعيين، وكذلك تـفعل معه العزلة التي توقعه في مرض حقيقي في بعض الأحيان، لكن صحته ممتازة إجمالا ً، وكذلك نشاطه وحيويته اللذان يلازمانه حتى آخر عمره، هو يكره المرض على كل حال ويكره المستشفيات والمعالجة الطويلة، ولهذا السبب يشفى بسرعة مذهلة يضمنها أيضاً تفاؤله وإيمانه بغد أفضل.
يميل هذا الإنسان إلى الرقص والغناء والتمثيل، ويهتم بالأمور الدينية في بداية عمره ثم يتحول إلى الشك وقلة الإيمان، ولا يُستبعد أن يُصبح مُلحداً في وقت من الأوقات، وتجري في عروقه دماء المغامرة والمقامرة، وكثيراً ما ينصرف إلى تجربة حظه على المائدة الخضراء أو البورصة أو ميادين السباقات على اختلاف أنواعها، وهو يحب ويسعى دائماً إلى الوقوع في التجربة لكنه يخشى الزواج وينـفر منه، وإذا رضخ فبعد تفكير وتردد طويلين، من صفاته الحميدة الكرم والضيافة والمثابرة وإصابة الهدف، ومن عيوبه الإفراط في الطعام والشراب وإدمان الخمرة أحياناً، وعدم حفظه الأسرار، على الرغم من تمتعه بذاكرة حادة تحفظ أدق التفاصيل ينسى أحياناً المكان الذي يضع فيه معطفه قبل خمس دقائق.
لكن أطرف ما فيه هو تلك الطريقة في سرد النوادر والفكاهات، فكثيراً ما يتعثر بكلمة أو حركة يضحك لها الآخرون فيشاركهم الضحك بدوره ظناً منه خفة دمه هي التي أطربتهم لا هفواته التي لا يُدركها على كل حال، غير أن تلك الطفولة المحببة لا تمنعه من الرد بقسوة وعنف على كل من يحاول مس كرامته أو مبادئه، وهو عندئذ يطلق سهامه بكل ما أوتي من تركيز ومهارة فيصيب الهدف في النقطة التي يريد.
يُصوّر مولود برج القوس، كما هو معلوم، شاكلة مخلوق نصفه إنسان ونصفه الآخر جواد، والمقصود بذلك أنه في ملاحقته لأهدافه يظل دائماً في الطليعة، كيف ؟ لا أحد يدري بالضبط، فقد يكون السبب مزاياه العديدة أو حظه الجيد أو الاثـنين معاً، وإذا شغل عن ذلك اختصر القضية كلها بقوله مازحاً أن الحياة " سيرك "، وإنه فيها المهرج الأول.