منتدى النهـــــــــــــــار العربى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى النهار العربى يرحب بكم
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 مقال نادر لنزار قبانى حصريأ

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


ذكر عدد الرسائل : 38
العمر : 113
الدولة : 0
السٌّمعَة : 0
point : 30089
تاريخ التسجيل : 16/11/2007

مقال نادر لنزار قبانى حصريأ Empty
مُساهمةموضوع: مقال نادر لنزار قبانى حصريأ   مقال نادر لنزار قبانى حصريأ I_icon_minitimeالسبت أبريل 12, 2008 3:36 am


مقال نادر لنزار قبانى حصريأ Kasakees_12a


"المقال فن من الفنون الأدبية التي إن صدق صاحبها في إبداء رأيه وكتب ما يراه وما يشعر به فإنه بذلك ودون قصد يؤرخ لمرحلة هامة من تاريخ الوطن في المجال الذي كتب فيه هذا المقال.. سواء السياسي أو الاجتماعي أو الفني أو الإنساني... بل وأحيانا يفسر لنا معنى من معاني الحياة.. ولهذا الفن رواده ومبدعوه.. ولهذا فقد رأينا أنه ربما يكون من المفيد أن نعرض عليكم بعض المقالات التي عملنا على انتقائها لكم.. لعلها تحمل لنا ولكم شيئا نحن جميعا في حاجة إليه".

المقال الذي اخترناه هذه المرة إنما أهديه لكل من يهاجمون هذا البلد وإلى من يعشقونها.. إلى من اتهموها بالخيانة والعمالة.. ومن أدركوا كم صبرت وكم عانت ولا تزال من أجل قضايا أمتها.. مقال كتبه "نزار قباني" في جريدة "الأسبوع العربي" عام 1975.. أي بعد انتهاء حرب 73 وقبل رحلة "السادات" الشهيرة لإسرائيل... لعلنا نرى صورة مصر بعيون دمشقية في مرحلة من أحرج مراحل تاريخها.... ولعلنا ندرك موقف مصر من العرب وموقف العرب منها في ذلك الحين..
مصر تريد فولاً وطعمية..
لا رسائل غرامية!

لو كنت مكان الرئيس "أنور السادات" لأوقفت المدعو "حاتم الطائي "عند وصوله إلى مطار القاهرة الدولي، وأحلته للنيابة العامة بتهمة تزوير التاريخ، وانتحال صفة الكرم الكاذب...

ولو كنت مكان الرئيس "السادات" لشطبت من كتب التاريخ في المدارس المصرية اسم هذا الرجل الذي استثمر لحم ناقته ألفاً وخمسمئة سنة ليمارس علينا أعمال النصب والاحتيال...

نعم، أيها السادة، إن "حاتم الطائي" الذي قرأنا عن كرمه الخرافي، وعطائه الأسطوري، وعن النار التي كان يوقدها حتى يأتي إليه الضيف، وعن الناقة التي كان يذبحها إذا فاجأه الضيف، "حاتم الطائي هذا" . قد أعطاكم عمره من زمان...
لم يعد هناك حليب.. ولا من يحلبون..
ولا ناقة.. ولا من ينحرون..
ولا نار.. ولا من يوقدون..

هل" حاتم الطائي" كذبة تاريخية كبرى؟
هل هو شخصية فولكلورية كجحا اخترعناها لنسلي بها أطفالنا قبل النوم؟
هل هو شطحة من شطحات المبالغة لجأ إليها المؤرخون العرب لخلق بطل من ورق؟

أم هل كان "حاتم" مواطناً عربياً من قبيلة طي.. ثم تحول مع الأيام إلى مواطن شحيح من إسكوتلاندا؟..

مصر تضع يدها على بطنها من قسوة الجوع..
مصر ترهن أساورها.. وضفائرها.. وملاءتها.. وتمد يديها إلى شبابيك سيدنا "الحسين" طالبة المدد...
ولا أحد يقرأ دموع مصر.. ولا أحد يرى جراح مصر.. ولا أحد قلبه على مصر..

الأمريكان يذهبون إلى مصر سائحين..
والعرب يذهبون إليها (شمامي هواء.. قطافي ورد...)
يحملون جنيهاتهم المهربة.. وشهواتهم.. ويحرثون شوارعها، وفنادقها، وزرقة سمائها، وأجساد نسائها، ومواضع كبريائها..

لا أحد يرى نزيف مصر..
لا أحد يسمع صدرها المثقوب بالسعال..
لا أحد يبصر كيف يبكي النخيل في عينيها الخضراوين..

فمصر عند العرب هي فندق شيراتون، وهيلتون، وشبرد، "ونجوى فؤاد"، و"سهير زكي".. وبقية الخصور والأرداف التي لا أتذكر أسماءها...
هي الجارية التي ترقص على موائد العرب..
والراقصة التي تزف أولادها في الأعراس..
والمغنية التي تحيي لهم الليالي الملاح...

وبدلاً من أن يدفع العرب الجزية لمصر لأنها حمت أرضهم وأرزاقهم وأولادهم وأعراضهم من الاغتصاب.. نجدها تدفع الجزية للعرب وهي تبتسم...
نجدها تتسول الشاي، والطعمية، والفول المدمس، ورغيف العيش بينما أثرياء العرب يقامرون في كازينو المقطم.. ويتجولون بسياراتهم الشاهانية (إسكندية – إدخال مؤقت) في حين تمشي أوتوبيسات مصر عل ثلاث عجلات.. ويمشي الشعب المصري متكئاً على كتف الله...

وبدلاً من أن يقبل العرب يد مصر من الوجه والقفا لأنها حاربت بالنيابة عنهم، وجاعت وعطشت بالنيابة عنهم، نجدهم يتوقعون من مصر أن تقبل أيديهم، وتسبح بحمدهم، وتمسح أطراف عباءاتهم المقصبة..

كل هذا.. ومصر لا تفتح فمها، ولا تسمح لها كبرياؤها أن تعترف بحزنها وجوعها ومتاعبها، ولا تسمح لها أخلاقها وأصالتها أن تقول لعشاقها الكثيرين أن حجرتها التي تسكنها في شبرا البلد واقعة تحت الحجز.. لأنها تأخرت عن دفع أجرتها...

إن مصر شبعت من باقات الزهر وقصائد الشعر التي يحملها إليها عشاقها العرب.. شبعت من المدائح والنياشين وبرقيات التهنئة في ذكرى العبور المجيد..
إن مصر بكل اختصار تريد أن تحاسب البقال..وتدفع أجرة غرفتها..

ربما كانت مصر تستحي أن تقول إن غرفتها محجوزة.. وإن البقال السوفياتي يطرق بابها كل صباح مطالباً بتسديد الفاتورة . فاتورة طائرات الميج، وصواريخ سام التي ألقيت على أرض معركة تشرين..

لذلك أسمح لنفسي أن ألفت نظر الإخوان العرب الذين يدعون عشق مصر إلى أن غرفة حبيبتهم محجوزة.. وأساورها مرهونة.. وأثاث بيتها مطروح للبيع في المزاد العلني.. فإما أن يواجهوا مسئولياتهم برجولة.. وإما أن يأخذوا رسائلهم الغرامية وينسحبوا من مصر غير مأسوف عليهم..

أما أن تبقى مصر بالنسبة للعرب مجرد "وصلة طرب".. أو مسرحية هزلية في شارع عماد الدين . أو رحلة نيلية إلى الأقصر وأسوان.. فهذا في نظري منتهى الاستغلال لأرض مصر، وشعب مصر، وطيبة مصر، وآلام مصر...

إن مصر هي بروسيا العرب.. لا هونكونغ، أو سنغافورا، أو مونت كارلو العرب..

ولقد كان بإمكان الرئيس "جمال عبد الناصر"– لو أراد –أن يجعلها بخمس دقائق مونت كارلو ثانية.. لا هم لها سوى التزلج على الماء.. نهاراً.. ولعب الروليت ليلاً..

ولقد كانت الولايات المتحدة في عام 1952 على أتم استعداد لإعطاء" عبد الناصر" كل ما يريده من أجل تحقيق هذا الحلم الصغير.. ولكن "عبد الناصر" كان كبيراً..
والكبير لا يحلم أحلاماً صغيرة..
ولا يزال بإمكان الرئيس "أنور السادات"– إذا أراد -أن ينزع عن مصر صفة الدولة المحاربة، ويحول ألوف الملايين التي تنفق على الآلة الحربية المصرية إلى قطاع الاستهلاك فلا يضطر المواطن المصري للوقوف ثلاثة أيام في الطابور للحصول على قطعة صابون . أو أوقية شاي..

وهكذا كان لا بد لمصر من أن تختار بين الموقف السهل والموقف الصعب.. بين الزمن الضيق والزمن العريض.. بين أن تكون إسبارطة.. أو أن تكون جزيرة كابري..

وطبعاً.. اختارت مصر قدرها الإسبارطي..
وفي إسبارطة كما في جميع الدول المحاربة، يأتي المقاتلون في المرتبة الأولى، ويقف الاقتصاد القومي خلفهم بكل قدراته.. أما الذين لا يقاتلون أو لا يذهبون إلى الجندية فيدفعون الضرائب وبدل الخدمة العسكرية. وهذا المبدأ يجب أن يطبق فوراً في العالم العربي .الذين لا يقاتلون يدفعون لمن يقاتلون.

والدفع للمقاتلين يجب ألا يأخذ شكل التبرع.. أو الصدقة.. أو الزكاة.. وإنما يجب أن ينظم تنظيماً ضرائبياً لا يهرب منه كبير ولا صغير..

لو كنت مكان الرئيس" السادات" لجمعت العرب في غرفة واحدة وقلت لهم بالحرف العريض ما يلي:
أنتم تملكون مالاً ولا تقاتلون. ونحن نقاتل ولا نملك مالاً.. ومصر لا تستطيع أن تسكن إلى ما شاء الله في غرفة مرهونة.. فإما أن تدفعوا أجرة الغرفة أو ستضطرون مصر إلى الانتقال نهائياً من الحي العربي.. إلى بلاد الجان. وأحضان "كسرى انو شروان"...
نزار قباني
20 يناير 1975

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://elnahar.mam9.com
 
مقال نادر لنزار قبانى حصريأ
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى النهـــــــــــــــار العربى :: القسم الثقافى :: فــضفــضه-
انتقل الى: